أريتي -حُبي الذي تعلمت ان اطلق سراحه -



هو فيلم عن رواية المقترضين الإنجليزية ، 

للكاتبة (ماري نورتون)

برسومات الاستوديو الاقرب الي قلبي (غيبلي)

يحكي عن صبي مريض في الرابعة عشر من عمره 

يذهب إلي بيت جدته في الريف لينعم ببعض الهدوء 

قبل عملية جراحية في قلبه، 

ليجد الونس لوحدته في فتاة صغيرة الحجم 

في الرابعة عشرة من عمرها بعينيها اللامعتين وشعرها الاشقر الطائر وحبها للمغامرة والحياة 

ليستمد منها الشجاعة والطمأنينة

الفتاة التي أحببتها انا الأخر.


بين عقلية التسليم والسماح بالرحيل،

وعقلية ان الانسان سيد قراره والمُتحكم الاول في حياته.

يقفز امام عقلي سؤال هل يمكننا التوقف عن الحب يوماً ما، 

ليس في المطلق بالطبع فالإجابة لذلك مفروغ منها،

ولكن عند حبنا لشخص ما ، بصدق ، 

هل يمكن ان يجف نهر الحب ذاك عند الرحيل ؟

افكر في السؤال اثناء جلوسي ليلاً تحت لمبة صفراء 

وعلي كرسي خشبي بسيط في مطعم إيطالي 

متفرع من شارعي المفضل في محطة الرمل.


"إحدي درجات المحبة في اللغة العربية هي 

الأِلفةوهي الصَّداقَةُ والمُؤانَسَةُ، 

التي قد تصل إلي الاِتِّحادُ والاِنْسِجامُ"

قرأت ذات مرة لعمر طاهر، 

فيما معناه ان لكل انسان لون مختلف، 

كبصمة الاصبع ،لون له حضوره المُميز .

وعند فقدانك لشخص لونه بنفسجي علي سبيل المثال 

لا يمكن تعويض ذلك الشخص بشخص أخر لونه هو الازرق، 

ظلت هذه الفكرة في بالي طويلاً، 

إلا انني اردت ان أُكملها من شعوري بالفقد وعدمه في آنً واحد ،

منذ صغري وانا أشعر بالشعور وتضاده معاً

 فأنا فقدت الكثير من الألوان والاشخاص 

ولكني أيضاً وفي ذات الوقت لم افقد لوناً -شخصاًفي حياتي، 

اتخيل نفسي في البداية لوحة رسم بيضاء 

، تلونت عند ولادتي لتصبح زرقاء تماماً، زرقة السماء والبحار،

ثم أتت كل علاقة في حياتي 

بلون مختلف عني لتضع بصمتها فوق لوحتي ، 

انظر إلي داخلي ، إلي لوحتي ذات الاساس الازرق .

أري اللون الاصفر من حبي الاول منذ الطفولة 

تداخل مع الازرق في لوحتي فأصبح عُشب أخضر ، 

طويلة اوراقه يتمايل مع النسيم برقة ،


اللون البنفسجي من حبي لفتاتي الراحلة 

التي شكلت مرحلة مراهقتي، لونت سمائي بلونها الاصلي.

فلا يعلم الكثير ان لون السماء الحقيقي هو البنفسج.


وانظر الي اللون الابيض ، 

لون حبي الذي تعلمت ان أطلق سراحه ،

رسم سحابة في سماء اللوحة ، 

رسم نقاطًا بيضاء لامعة اضاءتها علي بساطة اضافتها.



يخطر في بالي تعبير افلاطوني ما 

انه حتي و ان تفارقت الاجساد 

فالارواح قد اتحدت واننا بداخل بعضنا،

فربما اكون قد فقدت الشخص بحضوره الفيزيائي الجسدي والروحي ، لكن ماضيه وماضيِّ مازال معاً ، 

أثره بداخلي لم انساه ،

مازلت اذكره بُحب ، بدعوة له في مثل هذا اليوم.


ربما تراكم كل ذلك ،

هو ما جعل أخر لقاء لي بعد نهايات الحكاوي 

مملوء بطمأنينة غريبة في جلسة الوداع ،

طمأنينة لم أستطع استدراك مصدرها وقتها.

في ختام حكاية يعرف أبطالها انهم تؤام روح ، 

ضحكنا كثيراً، تحدثنا عن كل شئ وأي شئ، 

عن المستقبل و الماضي 

وعن مرورنا بحياة بعضنا بكل لما الأُلفة الهية من معني،


لم افهم تلك الطمأنينة 

إلا وانا اشاهد المشهد الأخير في لحظة الوداع لفيلم أريتي،


لأفهم أخيرًا،

أنه لدي منهم في نفسي اكثر مما لديهم في أنفسهم 

ولديهم مني في أنفسهم أكثر مما لدي في نفسي.


تعليقات