كذبة تخرج الي الضوء







مرت مدة طويلة منذ حاولت الكتابة، 

او بمعني اقرب للدقة منذ هروبي من الكتابة،

ولكن باقتراب السنوية الثالثة لفراقي لفتاتي الراحلة، 

لا أجد مفرًا من محاولة تفريغ هذا البخار الزائد بأضعف الكتابة بيني وبين نفسي،


منذ مدة تعرضت للكاتب محمد ابو الغيط رحمه الله،

من خلال إحدي حلقات مؤنسي في رحلاتي بلال فضل ، 

كانت شفافيته الواقعية عن حكيه لصراعه مع السرطان اكثر ما رق قلبي وقتها، 

ولم تمر ايام حتي انقبض قلبي حين عرفت خبر وفاته ، 

اصابني الحزن بفراق صديق الذي لم يصيبني الحظ بإيصال محبتي إليه، 

ولكن اواسي نفسي بأنه اصابني بقراءة يومياته الخاصة فيكتاب "انا قادم أيها الضوء"، 

اخذتُ يومها اقرأه علي مهل ، 

ربما كان خوفًا من قول الوداع في نهاية الكتاب، 

هذا الخوف الذي انقلب اشتياقا مع وصف ابوالغيط وحكيه عن زوجته و وردته البيضاء إسراء 

لشدة ما كانت تُحرك في داخلي ذكري حُبي لوردتي السمراء،  

عن شجاعتها المضيئة التي لطالما جذبتني إليها كفراشة حتي عندما أحرقت قلبي في بعض المرات،

فأنا اسأل اليوم قلبي ، وبعد مرور ثلاث سنوات 

لما لم أستطع ان أفتح قلبي بعدها لأحد قط ، 

حتي في المرة الوحيدة التي حاولت إقناع نفسي بفتح قلبي ،كان الله بكل شئ عليم، 


أحاول ان أُجيب في سبب واحد ولا استطيع ،

جزء كبير من ضعف الاجابة الان هو بُهتان الذكريات ، 

فهي الآن لوحة لا أستطيع استدراك ملامحها ، 

الا بعض الثقوب في قلبي لم تلتئم إلي الان 

لتستحيل مساحة واسعة اجلس فيها وحدي ،

انا و رائحة جوز الهند و صورتها المُبتسمة التي لا تغادر مخيلتي الأن، 


اثناء جلوسي أحُدثني بأن ربما كل هذا و ذلك 

هو كذبتي التي أخبرت بيها نفسي عن علاقتنا معاً التي لطالما تخيلتها بيني وبين نفسي.

ففي ذات الفترة قرأت كتاب بعنوان 

أكاذيب نُخبر بها أنفسنا

اقول انها ربما الحكمة الإلهية هي التي وضعت الكتابين بالتزامن 

ليجيب عقلي علي تكوين ما ليس له صلة بالواقع ، كيف كان مشروعلأجندتين مختلفتين ، 

فكلا منا وجد ما يشبع هذا النقص عنده 

اعتمادية مبني علي تلبية احتياجات النقص عند كل من الآخر.

ولكن أتي بفاتورة تمنها هي فقد الذات

-او علي الاقل بالنسبة الي انا، 

فقد وصلت لمرحلة اني نسيت من انا ، 

لم اعد اعرفني من كثرة تنازلاتي حتي فقدت هويتي 

فكنت قد نلت ما يسهل اكتسابه بفقد ما يعز استرجاعه.

و هو الأمر الذي تعلمته لاحقا كيف انها كانت فاتورة أكبر من ان تسمح بنمو الحب او الطمأنينة 


شعور غريب جدا ينتابني وانا اكتب هذه الكلمات كمن يُعري نفسه وينظر في المرآة محاولا استدراك من هناك ،


أحياناً أشعر ان الفقد هو الخيط الذي يلضم حياتي كلها.

من ذلك الشعور يتزاحم الكلام داخل صدري، 

تمزق الاحرف بعضها بعضًا لتفسح المجال لنقطة صغيرة تختنق من الدهس عليها، 

او بالأحرى تمييز حتي تلك الاحرف،

كل ما أعرفه ان بداخلي زحام كلام، لا، 

بل سيول غزيرة تُغرق صدري وعقلي معاً

غير انني رغم ذلك المشهد المحتدم كله .

مازلت غير قادر علي تكوين جملة صغيرة





تعليقات